Sunday, August 22, 2010

جدلية الحياد والتحيّز في وسائل الإعلام

طالما كان معظم ما نسمعه إما غير حقيقي كليّةً، أو يحمل نصف الحقيقة ونصف التشويه، وطالما كان ما نقرأه في الصحف هو عبارة عن تفسيرات محرَّفة تستخدم كحقائق؛ تصبح أفضل خطة في مواجهة كل ذلك منهجًا شكيًّا جذريًا. وافتراض أن معظم ما نسمعه هو إما كذب أو تشويه للحقائق.  -  إريك فروم
في روايته الشهيرة (1984)، استطاع جورج أورويل، أن يصوِّر، وبحرفية مدهشة، كيف يمكن للأنظمة الشمولية، ذات الطابع البوليسي القح، أن تستخدم وسائل الإعلام في تزييّف الحقائق، وتشويه التاريخ، بل وفي استبداله بتاريخ آخر إن لزم الأمر. لقد استطاعت الدولة، بوساطة وزارة الحقيقة/الإعلام، إقناع المواطنين بشعاراتها الثلاث (الحرب هي السلام، الجهل هو القوة، الحرية هي العبودية)، بل صار لماكينة الإعلام الدور الرئيس في إحكام قبضة الدولة على الشعب؛ وبات بمقدورها أن تجعل من مقولات على غرار ديكتاتورية الحزب، والمطالبة بالسلام وحرية الرأي والتعبير، مصدر تهديد لمن يجرؤ على التفوه بها!.


Tuesday, August 17, 2010

إشكالية حرية الرأي والتعبير في مجتمعات مختلفة


في عام 2006، وعلى خلفية أزمة الرسوم الكارتونية الدانماركية وتداعياتها، ومن منطلق الإيمان بأهمية الحوار بين ضفتي المتوسط، وضرورة العمل على إذابة الجليد بين الطرفين، أتت فكرة برنامج حرية الرأي والتعبير عبر الثقافات، والذي كان ثمرة تعاون مشترك بين عدد من المنظمات العربية والدولية، بمبادرة من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وبالتعاون مع معهد الإعلام الدولي بالدانمارك، وبالتنسيق مع الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة المادة 19. فعاليات البرنامج ضمت ورشتين الأولى في كوبنهاجن والثانية في القاهرة.  كنت منسّق الثانية ومحرر الكتاب الذي صدر في ذات العام واشتمل على الأوراق البحثية التي قدّمت خلال فعاليات البرنامج، وكان عنوانه (الأديان وحرية التعبير: إشكالية الحرية في مجتمعات مختلفة). وفيما يلي نص تقرير عن فكرة ونشاط البرنامج في العاصمة الدانمركية والعاصمة المصرية. وقد نُشر التقرير في العدد رقم 44 من مجلة رواق عربي.

في النظر إلى أزمة دارفور: هل ما أصابنا ازدواجية معايير أم مسّ من العنصرية؟


منذ عدّة أعوام كتب صحفي أمريكي يدعو إلى إرسال عدة طائرات لتقوم بنقل جثث مئات الضحايا من دارفور إلى الأمم المتحدة، ودفنهم في واحدة من الولايات الأمريكية "تذكيرًا بلامبالاة العالم، وللتذكير بأنّها أوّل إبادة جماعية وقعت في القرن الواحد والعشرين"! وإمعانًا في السخرية طالب الصحفي في مقاله بـ "تذكير العرب بأنّ قتل مئات الآلاف من المسلمين في دارفور يتطلّب الاحتجاج أيضًا".

Saturday, August 14, 2010

أحلام الإنسان المؤجلة في المملكة العربية السعودية

يعاني المهتمون بأوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية من صعوبة الوصول إلى المعلومات عن الانتهاكات والوقائع الموثقة التي يحتاج لها الباحثون؛ ليكتمل أمامهم المشهد، وتكون المعلومات عونًا لهم في الاستدلال، ودعمًا لما يطمئنون إليه من أحكام. الاطمئنان عُملة صعبة في عالمنا العربيّ، وليس في المملكة وحدها، لكنها، أي المملكة، تمتاز بأنّ عملية تدفّق المعلومات منها أشبه ما تكون بمخاض عسير مصيره غالبًا الإجهاض. 
 
المشهد السعودي أمام المراقبين كلعبة بازل كبيرة وقد تعرَّضت أجزاء عديدة منها للفقد أو للسطو، ورغم أن الخرافات لا تزال تتمتع هناك بمكانة فريدة، إلا أنه فيما يتعلق بالمعلومات فالأبواب موصدة بإحكام، وقد فقدت عبارة "افتح يا سمسم" مفعولها السحري!

البيئة القانونيّة للجمعيّات غير الحكوميّة بمصر

يغيب عن بال الكثيرين الاهتمام بدراسة التشريعات المنظّمة لتكوين الجمعيات الأهلية وتأسيسها، كما نفتقد الالتفات إلى الأهمية البالغة التي تمثلها حرّية الجمعيات، إذ دون توافر الضمانات اللازمة لازدهارهذه الحرية، فإنّ بقية الحريات، أي حقوق الإنسان، ستعاني من الانتهاك والانتقاص،إذ أنّ حرية الجمعيات تُعدّ الرحم المولّد ّلسائر الحريات الأخرى كما قال الفرنسي ألكسي دو توكفيل. في هذا السياق يسعى هذا المقال إلى استعراض البيئة القانونية التي تعمل في إطار الجمعيات الأهلية في مصر، وذلك بهدف الوقوف على مدى جدّية المُشرِّع المصري في الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بحرية التنظيم. 
إذ يؤكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 22 على أنه "لكل فرد حقّ في حرّية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه". ورغم أنّ العهد قد منح التشريعات الوطنية الحقّ في صكّ القيود على ممارسة الحقّ في التجمّع، واتّخاذ ما وصفه بالتدابير الضرورية، إلا أنه اشترط أن يتمّ هذا في "مجتمع ديمقراطيّ" وذلك من أجل "صيانة الأمن القوميّ أو السلامة العامة أو النظام العام ّأو حماية الصحّة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم"، كما لا بد أن ننّوه إلى أن هذا البند لا ينبغي تفسيره في اتجاه تكبيل حرية التجمع والتنظيم.

Wednesday, August 11, 2010

مصر في ضمير محمد السيد سعيد


"آن الآوان لوقف عذابات هذا البلد وإنهاء بؤسه وضعفه.. آن الآوان لأن نمنح هذا البلد مناعة حقيقية ضد غوائل الزمن وافتراء الطغاة من الداخل والخارج.. آن الآوان لأن نقطع دابر اليأس ونعيد الأمل ببريقه وروعته إلى مصر والمصريين.. آن الآوان لأن نستعيد لمصر سعادتها ومجدها وسؤودها.. وأن نصنع مستقبلاً يليق بالبلد الذي ولدت فيه الحضارة، وابتدأ فيه التاريخ" 
 
                            محمد السيد سعيد
بريشة الفنانة سلوى فوزي - صحيفة الأهرام

كان الدافع وراء الجهد الذي بذله الدكتور سليم حسن في تقديم ترجمته الرائعة والمُحكمة لكتاب "فجر الضمير" ذائع الصيت لجيمس هنري برستيد والذي صدر في ثلاثينات القرن المنصرم؛ هو أن يقدم لقارئ العربية بحث علمي رصين لمؤرخ مخضرم درس حضارات الأمم الشرقية القديمة كلها، وانتهى إلى أن مصر هي منبت نشوء الضمير والبيئة الأولى التي نمت فيها الأخلاق، وأنها (مصر) أصل مدنيات العالم ومهد الحضارة.

الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب: وعود ملك البحرين الإصلاحية ذهبت أدراج الرياح ونخشى أن نرى دارفور جديدة

مملكة البحرين هي أصغر الدول العربية من حيث المساحة، لكن الوضع لا يصبح كذلك حين تغدو المقارنة في مجال انتهاك حقوق الإنسان. هذا ما تخبرنا به التقارير الصادرة عن عدد من منظمات حقوق الإنسان البحرينية والدولية وكذلك التقارير السنوية لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. الصورة التي تنقلها هذه التقارير شديدة القتامة ولا تبدو منسجمة مع الصورة الوردية التي رسمتها، ولا تزال، تصريحات ملك البحرين وحكومته طوال السنوات الماضية عن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمملكة، وهي التصريحات التي ظلت لسنوات تلقى دعمًا وتأييدًا من بعض أقوى أطراف المجتمع الدولي. 
خريطة مملكة البحرين

أردت أن أسلّط الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في هذه الدولة العربية المهمة؛ فتوجهت بأسئلتي للسيد نبيل رجب أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، وتلقيتُ منه الإجابات عبر البريد الإليكتروني؛ فكان هذا الحوار:

Tuesday, August 10, 2010

في معقل الاستبداد: كيف يمكن تحرير لجنة حقوق الإنسان العربية؟

في عام 1994 صدرت النسخة الأولى من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وكما كان متوقعًا، ولد الميثاق بعيوب خلقية، جعلت منه كائنًا قانونيًا مجافيًا لروح المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومتسمًا بالعوار، وكذلك بروح عدائية للمنظمات غير الحكومية، ولم يحرص، كما كان واجبًا، على تقديم آلية فعّالة لحماية حقوق الإنسان في العالم العربي. بدا واضحًا للجميع، آنذاك، أن صنّاع الميثاق لم يكونوا جادين بالقدر الكافي فيما أعلنوه لمواطني الدول العربية، بل وللعالم بأسره، عن رغبة عارمة من جامعة الدول العربية في تعزيز حقوق وصون كرامة الإنسان العربي.
غلاف العدد 52 من مجلة رواق عربي


حسنًا، فلم يكن هذا مستغربًا من منظمة إقليمية تضم أكبر تجمع للأنظمة التسلطية والاستبدادية في العالم، وهي الأنظمة التي يضمر القائمون عليها عداءً مستحكمًًا للديمقراطية، ويبغضون تداول السلطة كالموت، ويحملون همًا مشتركًا فيما بينهم، وهو أن يبسط كل منهم نفوذه على مواطني دولته بكل السبل الممكنة، فيما يظهر التباين بينهم في كيفية استغلال كل منهم لقدراته ومهاراته في إنجاز هذا الهدف. ويستخدمون في ذلك وسائل وأدوات متنوعة، ومن أبرزها: تدبيج ترسانات قانونية معادية لحقوق الإنسان، ومنح أفراد الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة ودعم هائل يتحررون به من المحاسبة والعقاب على انتهاكاتهم اليومية، وقمع الحركات المطالبة بالإصلاح والتغيير السياسي، ومناصبة المجتمع المدني العداء، والهيمنة على السلطة التشريعية بوساطة تزوير الانتخابات، والتدخل في قرارات السلطة القضائية التي لا تحظى باستقلال كامل.



!!لا انتخابات ولا مجلس ولا شورى

انتهت انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في الأول من يونيو 2010، بقائمة طويلة من الانتهاكات والتجاوزات، التي قد تؤدي في البلدان الديمقراطية إلى إعادة الانتخابات ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة والتزوير الفاضح، في حين تبدو تلك الخروقات في بلد كمصر، مهما بلغت، كذرات غبار قليلة ينفضها المسئولون دون اكتراث، عن نتائج انتخابات لا تتسم بالشفافية، ورغم ذلك تغدو ذات الانتخابات بين ليلة وضحاها مصدر الفخر لحزب حاكم يستعد، وحكومته، لفعل أي شئ يضمن له الأغلبية الساحقة في أية انتخابات. حتى لو تم ذلك على جثة (النزاهة) التي جرت العادة على أن يتم استدعائها وترديدها آلاف المرات، في وصف كل فوز كاسح ينجزه أعضاء الحزب الوطني الحاكم في انتخابات غير نزيهة.
أحمد عز رجل الأعمال المثير للجدل وأمين التنظيم بالحزب الوطني الجاثم على صدور المصريين منذ عقود

ماذا بعد تقارير الإدانة لتحيُّز الإعلام في تغطية انتخابات مجلس الشوري؟!


غلاف تقرير تقييم أداء وسائل الإعلام المصرية في تغطية حملات المرشحين في الانتخابات الرئاسية 2005
في صيف 2005، لم تؤثر سياط الشمس الملتهبة علي أدمغة المصريين كما فعلت ألغاز السياسة وغبار تعديلات دستورية متعجلة؛ تمخضت عن مادة دستورية حملت بشارة مراوغة للمصريين بأنه قد صار من حقهم، أخيرًا، أن يختاروا من يحكمهم في انتخابات رئاسية تنافسية.
في ذلك الوقت كنت ضمن فريق من الشباب يوشك علي الانخراط في تجربة ثرية تتصل بالانتخابات التي كانت محور اهتمام المصريين في تلك الآونة. بشكل أكثر دقة كنا نستعد لرصد وتقييم تغطية الإعلام المرئي والمطبوع لحملات المرشحين في الانتخابات الرئاسية المصرية الأولي؛ وذلك بهدف التعرُّف علي مدي تمتُّع المرشّحين بحقهم في التغطية الإعلامية المتكافئة والموضوعية، والتحقق من قدرة الإعلام علي تقديم معلومات وافية للمواطنين تساعدهم علي اتخاذ قراراتهم يوم الاقتراع.