احتجاجات تونس في اجتماع منظمات المجتمع المدني التحضيري لمنتدى المستقبل السابع

في يوم الثلاثاء الماضي (11 يناير 2011) كنت في الدوحة بقطر أشارك في اجتماع منظمات المجتمع المدني التحضيري لمنتدى المستقبل. وشهدت هناك عدة مهازل، أذكر منها الآن، وبشكل عاجل، محاولة فاشلة لنشطاء تونسيين لإصدار بيان صحفي باسم المجتمعين والمنظمات المشاركة في منتدى المستقبل. البيان يدين استخدام الحكومة التونسية لاستخدامها العنف المفرط ضد المواطنين الذين سقط منهم العشرات ضحايا استخدام قوات الأمن للرصاص الحي ضد الاحتجاجات. وهو بيان قصير تلاه علينا أحدهم، ولكن رئيس الجلسة رفض المقترح بحجة عدم وجود الكثير من ممثلي المنظمات في القاعة، وأنه لا يمكن إصدار البيان دون موافقتهم جميعًا. هذا بالرغم من أنه سيصدر البيان الختامي عن اجتماعنا في ظل ذات الظروف! 

جدير بالذكر أن الحضور في هذه الجلسة، وحسب ما هو مكتوب في جدول الأعمال، كان (حسب الرغبة)!. أي أنهم شجعوا المشاركين على عدم الحضور والغياب عن مناقشة البيان الختامي. وهو ما كان له أثره بالفعل على غياب العديد من المشاركين؛ فضلا عن أن بعضهم كان قد اكتفى بالفعل بالجلسة الافتتاحية، وبوقت قليل من الجلسة الأولى.

بالتأكيد لم تكن الرغبة تقتصر فقط على عدم إصدار بيان قوي يتضامن مع الاحتجاجات الشعبية في تونس، وإنما كانت الرغبة واضحة في عدم الزج بأية توصيات أو تعديلات تسبب حرجًا للحكومات التي كانت وفودها بدأت في التدفق على الدوحة؛ استعدادًا لاجتماع الحكومات في 13 يناير.

وكانت في ديباجة البيان الختامي فقرة تتحدث عن أوضاع البطالة والتهميش والإقصاء للشباب العربي في أكثر من بلد (أذكر هنا أن القائمون على المنتدى حرصوا على عقد ورشة إقليمية قبل شهور في بيروت لاستخلاص توصيات تتعلق بدور ومشاركة الشباب العربي ورفعها إلى الحكومات). وقد بدأ البيان الهزيل الفقرة المشار إليها بالثناء على جهود الحكومات، ثم أبدى قلقه من أن ذلك يفتح المجال أمام ردود أفعال عنيفة من الشباب يحركها اليأس! كانت صياغة غريبة، تدين الشباب (والضحايا) بشكل ضمني وتشيد بجهود الحكومات (الجناة والسفاحين)، في وقت نشهد فيه سقوط عشرات الضحايا من الشباب في تونس والجزائر. وقد اقترحت إضافة إدانة قوية لاستخدام بعض الحكومات للعنف المفرط وإسقاط عشرات الضحايا من الشباب بسبب ممارستهم لحقهم في التظاهر والتجمع السلميين. وبعد الجلسة تحدثت مع أحد أعضاء لجنة الصياغة بشأن المقترحات والتوصيات التي قدمتها مكتوبة إليه، وسألته عن مصيرها، وفهمت منه أن التوصيات ستكون قيد بحث لجنة الصياغة، لكن قد يتعذر عليها إضافة كل التوصيات الجديدة المقترحة!

وكنت قد تساءلت في جلسة سابقة عن البيان الختامي الذي سيصدر عن الاجتماع. واستفسرت عمن قام بإعداده، ولماذا لم يتم إخبارنا بأعضاء لجنة الصياغة، ولماذا لم يكون لنا دور في اختيار بعض أعضاء هذه اللجنة طالما أن البيان الختامي (سيعبّر عنا جميعًا). هنا أخبرني رئيس الجلسة أن اللجنة مكونة من الجهات المنظمة فقط.

لقد أعد البيان الختامي لجنة صياغة مكوّنة من المنظمين للاجتماع، والمفارقة أنها تضم منظمة محسوبة على المجتمع المدني، وناشط تونسي معروف، لم يتخذ موقفًا جادًا، ولو بالكلام في بيان صحفي، للتضامن مع أهل بلده ضد الديكتاتور.

هو بالتأكيد الآن يعضّ أصابع الندم، ويقول في سرّه: يا ريتني كنت معاهم.