Wednesday, September 1, 2010

القمع والحرية: قوانين الجمعيات في مصر ولبنان وفلسطين والأردن والمغرب



لناجي العلي
أسعى هنا إلى تقديم استعراض سريع وموجز لقانون الجمعيات الأهلية في مصر رقم 84 لسنة 2002، ومقارنته بعدد من القوانين العربية المماثلة؛ بهدف الوقوف على مدى جدية المُشرِّع المصري في الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بحرية التنظيم، والتحقق مما إذا كانت بعض التشريعات العربية المنظمة لعمل الجمعيات الأهلية، توفر مناخًا أفضل لتأسيس الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، والتيقن من مدى إمكانية وجود ممارسات تشريعية عربية أكثر جودة وتوافقًا مع المعايير الدولية من قانون الجمعيات الأهلية المصري. 
ستركز المقارنة على عدد من المؤشرات الدالة، والتي أزعم أنها تكشف إما عن وجود رغبة حكومية في تكبيل نشاط المجتمع المدني بالقيود القانونية التي لا يمكن أن يتحملها مجتمع ديمقراطي حقيقي، أو عن قدر من الانسجام بين القانون محل الدراسة والمعايير التي يطرحها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. إذ سأركز على القيود والتدخلات التي يفرضها القانون على إجراءات تسجيل الجمعيات، وتشكيل مجلس الإدارة، وجمع التبرعات، وأسباب حل الجمعية، والعقوبات إن وجدت. وذلك في تشريعات الدول التالية: مصر، لبنان، فلسطين، الأردن، والمغرب.

إجراءات التسجيل:
يتضح مدى حرص المشرِّع على إفساح المجال للمجتمع المدني وتفعيل دوره، في المرونة التي يتمتع بها أو يفتقد إليها في تقنينه لإجراءات التسجيل، وإلى أية درجة تدنو هذه الإجراءات من الاقتصار على إخطار الجهة الإدارية بالتأسيس، أو من إلزام المؤسسين بالتوجه أولاً إلى الجهة الإدارية للحصول على الترخيص.
ففي قانون الجمعيات المصري رقم 84 لسنة 2002. يمنح القانون، وفق المادة 6، الحق للجهة الإدارية في رفض طلب القيد؛ إذا ما تبين لها أن من أغراض الجمعية نشاطًا مما تحظره المادة 11 التي تُلزم الجمعية بأن تعمل على تحقيق أغراضها في الميادين المختلفة لتنمية المجتمع وفقا للقواعد والإجراءات التي يحددها القانون واللائحة التنفيذية. ولم ينجو القانون في مادته الحادية عشرة من أشهر العيوب التي تتسم بها البنية التشريعية في مصر، وهو تجريم ارتكاب أفعال غير محددة بشكل واضح ودقيق، ويتم ذلك عبر استخدام ألفاظ فضفاضة وغير محددة المعالم. إذ يحظر القانون أن يكون من أغراض الجمعية "تهديد الوحدة الوطنية" أو "مخالفة النظام العام أو الآداب" دون أن يسمّي الأفعال أو الأنشطة التي يرى فيها تهديدًا للوحدة الوطنية ومخالفة للنظام والآداب العامة. كما يحظر القانون أن تمارس الجمعية "أي نشاط سياسي تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسي" وكذلك "أي نشاط نقابي تقتصر ممارسته على النقابات".
كذلك حرص المشرّع على التدخل في النظام الأساسي للجمعية، ففي المادة 3 من القانون 84 لسنة 2002، ينبغي على مؤسسو الجمعية وضع النظام الأساسي للجمعية وفق البيانات التي وضعها القانون بشكل تفصيلي، حتى أن المشرّع قد أرفق باللائحة التنفيذية للقانون، نظام أساسي، يدعي أنه نموذجي، ويطلب من الجمعيات إتباعه!
ورغم أن المادة 3، الخاصة بالنظام الأساسي للجمعية، قد أجازت للجمعيات، ولم تجبرها على إتباع النظام الأساسي النموذجي، الذي يطرحه المشرّع على مؤسسو الجمعية عند التسجيل، بما يجعل النموذج يأخذ شكل التوصية. إلا أن المشرّع، في المادة 5، قد أجبر المتقدمين لتسجيل الجمعية على أن "يكون طلب قيد ملخص النظام الأساسي للجمعية محررًا على النموذج المعد لذلك".   
كما تنص المادة 23 على أنه "في الأحوال التي تصدر فيها الجمعية قرار ترى الجهة الإدارية أنه مخالف للقانون أو لنظامها الأساسي يكون لهذه الجهة أن تطلب من الجمعية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول سحب القرار ذلك خلال عشرة أيام من تاريخ إفادتها به". وإذا لم تقم الجمعية بسحب القرار خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطارها كان للجهة الإدارية أن تعرض الموضوع على لجنة خاصة يتم تشكيلها في المادة السابعة.
ورغم أن القانون يعطي الحق للجهة الإدارية في أن تعترض على ما تراه مخالفة للقانون في النظام الأساسي للجمعية، أو فيما يتعلق بالمؤسسين، إلا أن ذلك لا يحول دون التزامها بقيد الجمعية. ويكون رفض الجهة الإدارية بقرار مسبّب، ويكون لممثل جماعة المؤسسين الطعن على قرار الرفض أمام المحكمة المختصة خلال ستين يومًا من تاريخ إخطاره به. وإذا لم تستجيب الجمعية بإزالة أسباب الاعتراض، خلال المدة التي تمنحها الجهة الإدارية للجمعية؛ تقوم الجهة الإدارية بعرض النزاع على لجنة خاصة يتم تشكيلها، وفق المادة 7، وتصدر قرارها خلال ستين يومًا، ويكون ملزمًا وواجب النفاذ، ولا تقبل المحكمة المختصة النظر في النزاع إلا بعد صدور قرار فيه من اللجنة أو انقضاء الستين يومًا.
   
على الصعيد اللبناني نجد أن المادة الثانية من قانون الجمعيات، والذي صدر في عام 1909، توضح أن تأليف الجمعية لا يحتاج إلى الرخصة في أول الأمر، فقط يُلزم القانون مؤسسو الجمعية بإعلام الحكومة بعد تأسيسها. وذلك مع الأخذ في الاعتبار المادة السادسة من القانون التي تحظر تأسيس الجمعيات السرية. ويتسق هذا مع الدستور اللبناني الذي ينص في المادة 13 على أن "حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون". ويتسق كذلك مع التشريع الفرنسي الذي اقتبس منه التشريع العثماني الذي لا يزال ساري المفعول. ويرى بعض المحللين القانونيين أن هذا الاقتباس يُعد بمثابة بنوة تشريعية تتيح الاستفادة من الأحكام الفرنسية الفقهية والاجتهادات المطبقة في مجال قانون الجمعيات.

ولعل أهمها في جزئية التأسيس، ذلك المبدأ الذي أكده المجلس الدستوري الفرنسي في قراره الصادر في 16 يوليو 1976، والذي ورد فيه ما يلي: "يستخلص من مبدأ الحرية بالذات، أن الجمعيات تتأسس بحرية وأنه يمكن الإعلان عنها تحت شرط وحيد هو الإعلام المسبق … وبالتالي، فإن تأسيس الجمعيات، حتى وإن بدا أنها قد تكون باطلة أو تعمل على تحقيق أهداف غير مشروعة، يبقى أنه لا يمكن إخضاعها لتدخل مسبق من السلطة الإدارية أو حتى من السلطة القضائية … وأن هذا الدور السلبي هو عنصر من العناصر الأساسية لحرية الجمعيات التي تقضي عليه أية رقابة مسبقة.." .
أيضًا لم يسع القانون اللبناني إلى إلزام الجمعيات بنظام أساسي معيّن، فقد اكتفى بوضع إرشادات عامة يجب أن يتضمنها النظام الأساسي لكل جمعية، مثل اسم الجمعية والهدف وهيئتها العمومية وهيئتها الإدارية. إلا أنه على صعيد الممارسة تعمد الإدارة إلى فرض نماذج خاصة من الأنظمة التأسيسية للجمعيات، كما أنها تتدخل أحيانًا في تعديل الاسم والموضوع ، وهو الأمر الذي يُعد مخالفًا لحرية تأسيس الجمعيات!
وفي المملكة المغربية، طبقًا للمادة 2 في قانون تأسيس الجمعيات فإنه "يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إذن" وذلك بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات المادة 5، التي تم تعديلها في 2002، وتنص على وجوب تقديم كل جمعية "تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة". وبناءً على هذا فإنه يجب أن تتسلم الجمعية "وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال". وبعده تتسلم الجمعية الوصل النهائي خلال فترة أقصاها 60 يومًا، وفي "حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها".
ويفترض أن وجوب تسليم وصل لمؤسسي الجمعية عند قيامهم بإيداع طلب الإشهار، يؤدي إلى تسهيل عملية تسجيل الجمعيات، إلا أنه على صعيد الممارسة العملية فإن السلطات تقوم أحيانًا برفض إيداع طلب الإشهار؛ متذرعة بحماية الأمن العام أو بمكافحة الإرهاب .
وتقوم بعض السلطات المحلية بفرض الإدلاء بوثائق لا ينص عليها القانون عند التصريح بتأسيس الجمعية، بما يؤدي إلى تعطيل تأسيس الجمعية، كما ترى بعض المنظمات المغربية  أن صيغة الوصل المؤقت تضع الجمعية في منزلة بين المنزلتين مما يؤخر فعليًّا عملية التأسيس، وبالتالي مباشرة أنشطتها. وهو ما يتطلب النص في القانون صراحة على إلزامية تسليم الوصل بمجرد إيداع التصريح.
كذلك يمنح القانون للإدارة حق الاعتراض خلال 60 يومًا من تاريخ الإشهار، وفي حالة عدم اعتراض الإدارة خلال المدة المذكورة فإن للجمعية الحق في ممارسة نشاطها، أما في حالة اعتراض الإدارة على الجمعية، يجب عليها تعليل وذكر أسباب الرفض، وهنا للجمعية حق اللجوء للمحاكم الإدارية، لاعتراضها على تعسف الإدارة في استخدام سلطاتها.
وفيما يتعلق بالنظام الأساسي للجمعية، فإن القانون لا يقيد حق الجمعية في إعداد نظامها الخاص، إلا في حالات مخالفة الجمعية للقانون أو للأخلاق العامة، أو ما يصفه القانون بالاعتداء على الدين الإسلامي أو النظام الملكي. كما تنص المادة 5 على أن كل تعديل يدخل على النظم الأساسية يجب أن يصرح به وكذا "لا يمكن أن يحتج على الغير بهذه التغييرات والتعديلات إلا ابتداء من اليوم الذي يقع فيه التصريح بها".

في المملكة الأردنية الهاشمية، يحظر القانون إنشاء أي جمعية إلا بترخيص خطى من الوزير، وكذلك يحظر إشاء أي جمعية ماسونية. ويمنح القانون للوزير سلطة تقديرية لتسجيل أو رفض تسجيل أي جمعية. لكن يجوز للجمعية اعتبار نفسها قائمة والبدء في مباشرة نشاطها في حالة عدم استلامها خطاب من طرف الوزير أو طلب تقديم معلومات تكميلية، خلال 3 شهور.
ويتم أحيانًا رفض التسجيل بمبرر "مخالفة الغايات أو وجود تجاوزات قانونية". كما يمكن للوزير رفض تسجيل أي جمعية بناءً على اعتراض من المحافظ، حيث يمنح القانون للوزير صلاحية استشارة المحافظ والاستئناس برأيه للبت في طلب تسجيل الجمعية، ويمكن رفض تأسيس الجمعية بدعوى وجود منظمات أخرى مسجلة ومعنية بذات الموضوع.
ورغم أن طلبات التسجيل تتسم بالسهولة والسرعة، إلا أنها في بعض الحالات تستلزم المزيد من الوقت والإجراءات ذات الطابع الأمني، حيث تتم استشارة المخابرات العامة وعدد من الأجهزة الأمنية في طلب التأسيس. وفي حالة رفض طلب التسجيل، يحق للجمعية اللجوء إلى القضاء للطعن أمام محكمة العدل العليا، بل وطلب التعويض أمام المحاكم بمختلف درجاتها . وينبغي على الجمعية الحصول على موافقة خطية على النظام الأساسي، وكذلك على أي تعديل يطرأ عليه.

وقبل التطرق إلى الوضع القانوني للجمعيات في فلسطين، من المهم أن نشير سريعًا إلى أن السلطة الفلسطينية، التي تأسست وفقًا لاتفاقية أسلو، لا تتمتع بصلاحية التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وذلك بسبب عدم تأسيس الدولة الفلسطينية بعد. كما أن تصديق إسرائيل على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يضفي التزامًا قانونيًّا على السلطة الفلسطينية. أي أنه لا يوجد نظامًا قانونيًّا دوليًّا يسمو على التشريع الداخلي الفلسطيني، ورغم ذلك فإن النظام الأساسي الفلسطيني، يؤكد في مادته 26 على حق المواطنين في تشكيل الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والانضمام إليها وفقًا للقانون. أيضًا تنص المادة العاشرة من القانون الأساسي على أن السلطة تسعى إلى الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان.

يمنح قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم 1 لسنة 2000، حق تأسيس الجمعبات دون الحاجة إلى ترخيص. إلا أنه وفق إجراءات التسجيل المتبعة يتم تقييد هذا الحق، عن طريق حظر قيام الجمعية بأي نشاط قبل صدور قرار وزير الداخلية بالموافقة، خلال فترة لا تزيد عن شهرين من تاريخ تقديم الطلب.
وترى بعض التقارير أن المشرّع الفلسطيني حاول بهذا الوصول إلى صيغة توفيقية بين قانون الجمعيات العثماني الذي لا يشترط الترخيص، وهو القانون الذي ظل ساريًا في قطاع غزة بعد النكبة، وبين قانون الجمعيات الأردني الذي يشترط الترخيص المسبق، وهو القانون الذي طُبق في الضفة الغربية خلال فترة ما بعد النكبة. وبالفعل فإن الموافقة على منح الترخيص للجمعية أصبحت بمثابة منحة من السلطة التنفيذية بدلاً من أن تقتصر على كونها استيفاء لمتطلبات القانون، وهو الأمر الذي يتسبب في تعطيل وتقييد تسجيل الجمعيات .
ورغم ذلك فإن قرارات الرفض المسببة الصادرة عن الوزير تتسم بالندرة، وعادة ما يكون التأخير في الرد على الطلب نابعًا من أسباب سياسية وأمنية، حيث عانت الجمعيات التابعة لحماس من ذلك في ظل حكومة فتح. ويذكر أيضًا أن لمقدمي طلب التسجيل المرفوض، الحق في الطعن أمام المحكمة المختصة خلال 30 يومًا من تاريخ تبليغهم قرار الرفض خطيًا. أما في حالة تأخير الرد؛ تعتبر الجمعية مرخصًا بها بعد مرور شهرين، وفي هذه الحالة يُعد إيصال دفع رسوم التسجيل لحظة تقديم الطلب بمثابة شهادة تسجيل.
وبالنسبة للنظام الأساسي للجمعية فإن المادة 5 من القانون توضح البيانات التي ينبغي أن يشتمل عليها النظام الأساسي، كما تمنح المادة 23 من القانون الأعضاء الحق في تعديل النظام الأساسي للجمعية بعد الحصول على الأغلبية المطلقة لأعضاء الجمعية.

مجلس الإدارة والجمعية العمومية:
في قانون الجمعيات المصري، تحدد المادة 32 عدد أعضاء مجلس الإدارة، كما تتدخل في اختيارهم بشكل تفصيلي. بل وفقًا للمادة 34، يحق للجهة الإدارية، ولكل ذي شأن!، الاعتراض على أي من المرشحين والمطالبة باستبعادهم. وطبقًا للمادة 38 ينبغي على مجلس الإدارة كلما اتخذ قرارًا أن يبلغ به الجهة الإدارية خلال 30 يومًا من صدورها، وكذلك الحال بالنسبة لقرارات الجمعية العمومية!.
أيضًا ينص القانون في المادة 40، على أنه في حال عدم كفاية عدد أعضاء مجلس الإدارة لعقد اجتماعاته؛ فإنه يجوز للوزير أن يعين بقرار مسبّب مفوضًا من بين الأعضاء الباقين أو من غيرهم تكون له اختصاصات مجلس الإدارة!!

يحدد القانون في المادة 24 أنه الجمعية العمومية تتكون من جميع الأعضاء الذين مضت على عضويتهم ستة أشهر على الأقل واوفوا بالالتزامات المفروضة عليهم وفقا للنظام الأساسي للجمعية، وتمنح المادة 25 للجهة الإدارية حق الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية إذا رأت ضرورة لذلك. وتطالب المادة 26 بإرسال نسخة من الأوراق المطروحة على اجتماعات الجمعية العمومية إلى الجهة الإدارية قبل الانعقاد بخمسة عشر يومًا، كما تفرض على الجمعية إبلاغ الجهة الادارية بصورة من محضر اجتماع الجمعية العمومية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انعقاده.
ويتدخل القانون في تفاصيل غاية في الدقة بالنسبة لاجتماعات الجمعية العمومية، وهي قواعد لإقرار صحة اجتماعات الجمعية العمومية كان ينبغي تركها للنظام الأساسي لبحثها وتنظيمها. ويمنح القانون للوزير حق عزل مجلس الإدارة إن لم تجتمع الجمعية العمومية لمدة عامين متتالين.
وفي لبنان لم يضع المشرّع أية عراقيل أو قيود ذات شأن للحد من حرية أعضاء الجمعية في تشكيل مجلس الإدارة أو في تشكيل الجمعية العمومية، أو في تسيير اجتماعاتهما. فقط اشترط القانون في المادة 7 أن تمسك الإدارة ثلاثة دفاتر لتسجيل بيانات أعضاء الجمعية، ومراسلات وببلاغات الجمعية، وللواردات والمصروفات، وطالب القانون الإدارة بأن تبرز هذه الدفاتر إلى الحكومة في أي وقت تطلبها.
أما في فلسطين لم يتدخل المشرّع في تشكيل مجلس الإدارة، حيث نص في المادة 16 على أن تحديد طريقة تشكيله وكيفية اختيار أعضائه وانهاء عضويتهم متروكة للنظام الأساسي، وتقوم المادة 18 ببيان مهام واختصاصات المجلس، وتنص المادة 19 على أن تحديد اختصاصات الرئيس ونائبه وأمين الصندوق وباقي أعضاء مجلس الإدارة لأية جمعية تكون وفقا لنظامها الأساسي ولائحتها الداخلية. وتبين المادة 22 الإجراءات الواجب اتباعها في حالة تعذر اجتماع مجلس الإدارة بسبب الاستقالة أو الوفاة. كما تركت المادة 23 للنظام الأساسي للجمعية تحديد طبيعة تشكيل الجمعية العمومية.
ورغم أن القانون المغربي لا يتدخل بشكل واضح في تشكيل هيئات إدارة الجمعية، إلا أنه في المادة 5 يطالب لدى أي تغيير يطرأ على الإدارة يأن يصرح بهذا التغيير، ولا يمكن أن يحتج على الغير بهذه التغييرات والتعديلات إلا ابتداء من اليوم الذي يقع فيه التصريح بها. وفي حالة إذا لم يطرأ أي تغيير في أعضاء الإدارة يجب على المعنيين بالأمر أن يصرحوا بعدم وقوع التغيير المذكور وذلك في التاريخ المقرر له بموجب القوانين الأساسية ويسلم وصل مختوم ومؤرخ في الحال عن كل تصريح بالتغيير أو بعدمه.
           
وفي الأردن، وفقًا لما ورد بالمادة 15 في القانون، لا يكون تغيير هيئة الإدارة وكلها أو بعضها نافذًا إلا بعد موافقة الوزير الخطية بعد الاستئناس برأي المحافظ. وطبقًا للمادة 18 يحق للوزير تشكيل هيئة إدارة مؤقتة للجمعية في الحالات التالية، أولاً إذا أصبح عدد أعضاء هيئة الإدارة لا يكفي لانعقادها بنصاب قانوني بسبب الاستقالة أو الوفاة أو التخلف عن حضور ثلاث جلسات متوالية بدون عذر مقبول، وتعذر تكملة عدد الأعضاء طبقا لأحكام النظام الأساسي، وثانيًا إذا خالفت هيئة الإدارة أي حكم من أحكام القانون أو أحكام النظام الأساسي المتعلق بتجديد انتخاب أعضائها أو بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد أو بقبول انتساب أعضاء جدد ودفع الاشتراكات ولم تقم هيئة الإدارة بإزالة أسباب المخالفة خلال شهر واحد من تاريخ إنذار الوزير الخطي.
كذلك يجب إعلام الإدارة بتاريخ ومكان انعقاد الاجتماع المخصص لانتخاب الهيئات القيادية للجمعية، وذلك خلال فترة لا تقل عن 15 يومًا، ويحق للوزير أن ينتدب أحد موظفيه لحضور الاجتماع للتأكد من إجراء الانتخابات بشكل سليم طبقًا للنظام الأساسي .

القيود على تلقي التمويل:
يسعى قانون الجمعيات المصري إلى تقييد وعرقلة تلقي الجمعية للتبرعات؛ فوفق المادة 17 لا يجوز لأية جمعية أن تحصل على أموال من الخارج سواء من شخص مصرى أو شخص أجنبى أو جهة أجنبية أو من يمثلها فى الداخل، ولا أن ترسل شيئا مما ذكر إلى أشخاص أو منظمات فى الخارج إلا بإذن من الوزير، فيما عدا الكتب والمجلات والنشرات العلمية والفنية.
ويتطلب الحصول على موافقة الوزير على تلقي الجمعية لمنحة أجنبية فترة زمنية طويلة قد تصل إلى سنتين، في حين أن القانون يطالب الإدارة بالرد خلال شهرين من تاريخ إيداع الطلب، وجدير بالذكر أن عدد من الجمعيات قد تم إغلاقه بذريعة الحصول على تمويل أجنبي دون ترخيص، بل وحكم على مدير أحد المراكز وعدد كبير من موظفيه، بالحبس من سنة إلى 7 سنوات مع الأشغال الشاقة، بتهمة الحصول على تمويل أجنبي. وقد انتقدت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة، تعقيد إجراءات الحصول على التمويل الأجنبي في مصر .
وعلى العكس تمامًا من القانون المصري، لم يضع قانون الجمعيات اللبناني أية قيود على حق الجمعيات في الحصول على التمويل، كما لم يحد من حق الجمعيات في التصرف المالي، حتى لو أنفقت أموالها في أغراض غير تلك التي سبق ضبطها . كذلك لم يضع أية عراقيل أمام الحصول على التمويل الأجنبي.
في فلسطين أيضًا نأى المشرّع عن وضع أية قيود على تلقى المساعدات والأموال، ولا يمنع القانون تلقي التمويل الأجنبي. كما تبيح المادة 32 للجمعيات تلقي أية مساعدات غير مشروطة لخدمة أهدافها. وتسمح المادة 33 للجمعيات بـ "جمع التبرعات من الجمهور أو من خلال إقامة الحفلات والأسواق الخيرية والمباريات الرياضية أو غير ذلك من وسائل جمع الأموال للأغراض الاجتماعية التي أنشئت من اجلها وذلك بعد إشعار الوزارة المختصة".
لكن على صعيد الممارسة عانت بعض الجمعيات الفلسطينية من تضييقات لأسباب أمنية وسياسية؛ حيث تعرضت مجموعة من الجمعيات التابعة لحماس لقرارات تجميد الأرصدة في البنوك أو وقف الصرف، وكذلك التضييق على تلقيها المعونات المالية .
فرض قانون الجمعيات المغربي قيودًا على الجمعيات التي تحصل على تمويل من جهات أجنبية؛ فرغم أن المادة 6 منحت الجمعيات حق تلقي المساعدات من جهات أجنبية أو منظمات دولية، فضلاً عن الإعانات العامة وإعانات القطاع الخاص، إلا أن القانون استطرد في مادته 32 مكرر، وألزم الجمعيات التي تتلقى معونات أجنبية بأن تبادر بالتصريح بها إلى السكرتارية العامة للحكومة، وتحديد المبلغ ومصدره خلال 30 يومًا بحد أقصى، وذلك من تاريخ الحصول على المعونة، وتتعرض الجمعية التي ترتكب المخالفات في هذا السياق إلى الحل.
أما في الأردن فقد لقى الاهتمام بمراقبة تمويل الجمعيات حد أن نص الدستور في الفقرة الثالثة من المادة 16 على "ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها"؛ وبناءً على النص الدستوري حظيت الجمعيات بعدد من القيود على حقها في حيازة الممتلكات والأموال. وطبقًا للمادة 14 من القانون فإن "للوزير أو أي موظف ينتدبه أن يزور مكان أية جمعية خيرية أو هيئة اجتماعية أو اتحاد ما وأن يفحص سجلاتها وأوراقها للتثبت من أن أموالها تصرف في سبيل الأغراض التي خصصت لها وللتأكد بوجه الإجمال من أنها قائمة بأعمالها وفق متطلبات هذا القانون ومتمشية مع الأهداف المقررة لها".
 وفي حال كانت التمويلات الأجنبية للجمعيات معلنة ومثبتة بعقود واتفاقيات، وطالما تقدم الجمعية المستندات اللازمة لإثبات أن هذه الأموال قد تم إنفاقها بالفعل في تنفيذ أنشطتها وبرامجها، فإنه يمكن القول أنه لا توجد قيود معطلة لحق الجمعيات في الحصول على التمويل الأجنبي.
لكن الحكومة لجأت ممثلة في وزارة التنمية الإدارية إلى محاولة للسيطرة على تدفقات التمويل الأجنبي المخصص للمجتمع المدني الأردني. حيث قررت الوزارة المذكورة الاتفاق مع الدول المانحة، وتلقى الدعم منها، قبل أن تقوم هي بدورها في تمويل مشروعات المنظمات التي تتقدم بطلب التمويل. ويمكن القول أن الوزارة لا تعتمد معيارًا موضوعيًّا ومحايدًا في توزيع التمويلات التي تنفقها حسب معايير خاصة بها، وهو ما يدفع الكثير من الجمعيات إلى الامتناع عن طلب التمويل من الوزارة والتعامل مباشرة مع الجهات المانحة.

حل الجمعيات:
يفرد القانون المصري للجمعيات فصلاً خاصًا بحل الجمعيات، ويطرح في المادة 42 ذرائع مختلفة؛ لاتخاذ الوزير قراره بحل الجمعية، ومنها "الحصول على أموال من جهة خارجية أو إرسال أموال إلى جهة خارجية" دون الحصول على تصريح من الوزير. وكذلك إن ارتكبت الجمعية مخالفات جسيمة للقانون أو النظام العام أو الآداب، دون توضيح ماهية الأفعال التي يتصف ارتكابها بالجسامة، وما هي الأفعال التي تخالف النظام والآداب العامة، وتستدعي اتخاذ قرار بحل الجمعية.
يصدر الوزير قرار بالحل إذا انضمت الجمعية أو اشتركت أو انتسبت إلى "ناد أو جمعية أو هيئة أو منظومة" مقرها خارج مصر، دون إخطار الجهة الإدارية. كما يصدر قرارًا بحل الجمعية التي يكون من أغراضها "تهديد الوحدة الوطنية" أو "مخالفة النظام العام أو الآداب". أيضًا تُحل الجمعية التي تمارس "أي نشاط سياسي تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسي" وكذلك "أي نشاط نقابي تقتصر ممارسته على النقابات".
وإذا ثبت حصول الجمعية على أية تبرعات داخلية دون موافقة الجهة الإدارية يصدر قرار الحل. وللوزير حق إصدار قرار بإلغاء التصرف المخالف أو بإزالة سبب المخالفة أو بعزل مجلس الإدارة أو بوقف نشاط الجمعية وذلك في حالة عدم انعقاد الجمعية العمومية عامين متتاليين، وإذا لم تعدِّل الجمعية نظامها وتوفِّق أوضاعها وفقا لأحكام القانون. ويمنح القانون للجمعية حق الطعن على القرار الذى يصدره الوزير أمام محكمة القضاء الإدارى.

في لبنان يجوز حل الجمعية بناء على إرادة أعضائها، وفي حالة إنجاز مهمتها بالكامل بالشكل الذي نُصّ عليه في النظام الأساسي، ويمكن إصدار قرار الحل من القضاء الجنائي، بسبب الشبهة في هدف الجمعية، طبقًا للفصول 336 و337 و338 من المجلة الجنائية التي تمنع قيام الجمعيات السرية أو لأهداف مشبوهة. ويمكن لمجلس الوزراء إصدار مرسوم لحل الجمعية، لمخالفتها القانون أو الإخلال بالأخلاق الحميدة، أو الإخلال بالنظام العام كالتورط في عمليات إنقلابية على السلطة ومحاولة الإطاحة بالحكومة، أو في حال تورط أعضاء الجمعية بصفاتهم الحزبية في جرائم تمس الأمن الوطني، نتج عنها صدور أحكام قضائية ضدهم بالإدانة، وأخيرًا يمكن لمجلس الوزراء حل جمعية لم تصرح بوجودها .
في فلسطين حدَّد القانون في المادة 37 الحالات التي قد يتم استنادًا إليها إصدار قرار بحل الجمعية. إذ ذكر بداية أن الجمعية تُحل بصدور قرار من الجمعية العمومية، أو إذا لم تباشر أعمالها الفعلية خلال العام الأول من تاريخ تسجيلها، ما لم يكن التوقف نشأ عن ظروف قاهرة تخرج عن إرادة الجمعية؛ ففي هذه الحالة يلغى تسجيل الجمعية من قِبَل الوزارة بعد إنذارها بذلك خطيًا. لكنه جعل من مخالفة الجمعية لنظامها الأساسي مخالفة جوهرية، وعدم تصحيحها لأوضاعها لمدة 3 أشهر بعد إنذارها خطيًا من الوزير أو الدائرة، سببًا من أسباب حل الجمعية، وذلك دون أن يوضح كنه المخالفات الجوهرية التي تستدعي إصدار قرار بالحل.
 وإذا ما تم الطعن في قرار حل الجمعية أو الهيئة أمام المحكمة المختصة يجوز للجمعية أو الهيئة مواصلة عملها لحين صدور قرار قضائي مؤقت أو نهائي بتوقيفها عن عملها أو حلها. وفي حالة حل الجمعية، تؤكد المادة 39 على أن تؤول جميع الممتلكات النقدية والعينية الخاصة بالجمعية إلى جمعية فلسطينية أخرى تشبهها في الأهداف، وتحدد من قِبَل الجمعية المنحلة. أيضًا تنص المادة 41 بـ "وضع اليد على أموال أية جمعية أو هيئة أو إغلاق أو تفتيش مقرها أو أي من مراكزها وفروعها إلا بعد صدور قرار من جهة قضائية مختصة"

في الأردن أفرط القانون في منح صلاحيات حل الجمعية للوزير، حيث بإمكان الوزير، وفقًا لما ورد بالمادة السادسة عشر، أن يأمر بحل أية جمعية إذا اقتنع أنها خالفت نظامها الأساسي، أو لم تنفذ الغايات المنصوص عليها في نظامها، أو توقفت عن أعمالها مدة ستة أشهر أو قصرت في القيام بها، أو رفضت أن يسمح للمسؤولين بحضور جلساتها أو تفتيش محلها أو سجلاتها ومستنداتها، أو تصرفت بأموالها على غير الأوجه المحددة لها، أو قدمت إلى المراجع الرسمية المختصة بيانات غير صحيحة، أو خالفت بوجه الإجمال أي حكم من أحكام قانون الجمعيات. وعند استلام الجمعية أمر الحل يجب عليها أن توقف جميع أعمالها من تاريخ تبليغها القرار.
ويتيح القانون الأردني لمؤسسي الجمعية أن يتقدموا إلى القضاء للطعن بقرار الحل أمام محكمة العدل العليا. ويذكر أن القضاء قد أبطل في عدد من الحالات القرار الإداري بحل الجمعية، لأسباب من قبيل عدم سلامة الإجراءات المتبعة للحل سواء من ناحية الشكل أو المضمون .

منذ التعديل الذي طرأ على قانون الجمعيات المغربي عام 2002، لم يعد هناك حق قانوني للجهة الإدارية في إصدار قرار حل الجمعية. وأصبح الحل مرهونًا بقرار القضاء، الذي قد يصدر قرار حل الجمعية، وفق أسباب لبطلان الجمعية وضعتها المادة 3 من القانون، وهي مخالفة الجمعية للقوانين، أو لمجموعة من الأمور التي من الصعوبة بمكان الوقوف على تعريف واضح لها، مثل الآداب العامة أو المس بالدين الإسلامي أو وحدة التراب الوطني أو النظام الملكي. كذلك تؤكد المادة 36 على أن كل جمعية تقوم بنشاط غير النشاط المقرر في قوانينها الأساسية يمكن حلها.
أيضًا بموجب المادة 32 مكرر، يتعين على الجمعيات التي تتلقى مساعدات أجنبية أن "تصرح بذلك إلى الأمانة العامة للحكومة مع تحديد المبالغ المحصل عليها ومصدرها داخل أجل ثلاثين يوما كاملة من تاريخ التوصل بالمساعدة"، وأي مخالفة تعرض الجمعية للحل.

العقوبات:
يتشدّد قانون الجمعيات المصري في فرض العقوبات التي يتعرض لها من يخالف أحكامه، ويتوسع في عقوباته السالبة للحرية. فهناك الحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه، إذا خالف نشاط الجمعية النظام والآداب العامة أو هدد الوحدة الوطنية أو مارس نشاط لا يتيح القانون ممارسته سوى للأحزاب السياسية.
وحتى يجبر القانون المنظمات الغير حكومية على توفيق أوضاعها والعمل تحت مظلته الجائرة؛ فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على ألفى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أسس منظمة تقوم بنشاط من أنشطة الجمعيات أو المؤسسات الأهلية دون أن يتبع الأحكام المقررة في هذا القانون. ويتعرض لذات العقوبة أي مسئول في جمعية تلقى أموالاً من الخارج دون الحصول على موافقة الجهة الإدارية.
وكذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ساهم في أن تنضم جمعيته إلى أي هيئة خارج مصر، دون موافقة الجهة الإدارية، أو رغم اعتراضها.
وتتركز العقوبات في قانون الجمعيات اللبناني على الجمعيات السرية، حيث يوجد تشريع يحمل اسم "الحظر على أي كان أن يعمل على الإبقاء على جمعية حلت لارتكابها جرائم تتعلق بأمن الدولة"، وهو تشريع صدر في عام 1962، وتم تعديله بموجب القانون رقم 490 عام 1996. وهو تشريع يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين وبالغرامة، كل من عمل على الإبقاء على جمعية حلت لارتكاب أفرادها بصفتهم الحزبية جرائم تتعلق بأمن الدولة اقترنت بأحكام مبرمة. وفي المادة 5 يحظر على أعضاء الجمعيات التي تعرضت للحل لارتكابها مثل هذه الجرائم، أن ينتموا إلى غيرها في مدى ثلاث سنوات من تاريخ الحل.
وفي المادة 7 يطالب القانون كل جمعية مجازة أن تتقدم في الشهر الأول من كل سنة إلى وزارة الداخلية بلائحة تتضمن أسماء أعضائها وبنسخة من موازنتها السنوية ومن حسابها، وكل من يخالف أحكام هذه المادة يُعاقب بالغرامة من 50 ألف ليرة إلى 200 ألف ليرة.
أما في الأردن، ينص قانون الجمعيات في مادته 23 على "كل من خالف بمفرده أو مع أي شخص آخر أو أشخاص آخرين أي حكم من أحكام المواد السابقة يعاقب بعد إدانته بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو بكلتا هاتين العقوبتين".
ويعاقب قانون العقوبات الأردني ما وصفه بـ "جمعيات الأشرار والجمعيات غير المشروعة"، وقد تصل العقوبة على من ينتمي إلى مثل هذه الجمعيات إلى الإعدام؛ وتذكر المادة 159 من قانون العقوبات الأردني الأسباب التي تجعل من الجمعية كيانًا غير مشروع. فكل جماعة من الناس مسجلة أو غير مسجلة، تحرض أو تشجع بنظامها أو بما تقوم به من الدعاية على قلب دستور المملكة بالثورة أو بالتخريب، أو تسعى إلى قلب الحكومة القائمة في المملكة بموجب الدستور باستعمال القوة والعنف. وكذلك لا تُعد مشروعة تلك الجمعيات التي تحاول تخريب أو إتلاف أموال الحكومة الأردنية في المملكة. هذا بالإضافة إلى كل جماعة من الناس يقضي عليها القانون تبليغ نظامها إلى الحكومة وتخلفت عن ذلك أو استمرت على عقد اجتماعاتها بعد انحلالها بمقتضى القانون المذكور وتشمل هذه الفقرة أيضاً كل فرع أو مركز أو لجنة أو هيئة أو شعبه لجمعية غير مشروعة وكل مؤسسة أو مدرسة تديرها جمعية غير مشروعة أو تدار تحت سلطتها .
في المغرب، تنص المادة 32 على قواعد ضبط وشروط تسليم دفاتر الحسابات الخاصة بالجمعية إلى الوزارة، وتوجب مراقبة مفتشي الوزارة على دفاتر الحسابات، ويعاقب كل وكيل مسئول عن مخالفات القواعد السابقة بغرامة يتراوح قدرها بين 120 و1000 درهم.
بينما في فلسطين، لا توجد في قانون الجمعيات عقوبات جنائية أو سالبة للحرية.

خلاصة:
رغم التفاوت الواضح في قدر الحرية المتاحة أو القيود المفروضة على تكوين الجمعيات، في قوانين الجمعيات في الدول العربية موضع المقارنة، سواء على صعيد التشريعات ذاتها أو في حال تطبيقها تحتاج؛ فإننا نرى أنها جميعًا، على التفاوت فيما بينها، بحاجة إلى إعادة النظر، بالتعديل أو بالتغيير، كي تصبح أكثر توافقًا مع المعايير الدولية لتكوين الجمعيات، حيث أن بعضها يتنافس على تكبيل حرية تكوين الجمعيات بأساليب مختلفة.

لكن هذا لا يمنع من وصف قانون الجمعيات المصري، مقارنة بغيره من القوانين العربية التي تعرضنا لها، بأنه الأسوأ بامتياز؛ فالقانون المصري يعاني من رغبة واضحة في تكبيل نشاط الجمعيات، وبقاءها دومًا تحت سيطرته. 
وهذا يظهر بجلاء في المفارقة الواضحة بين قانون جمعيات دولة تخضع للاحتلال مثل فلسطين، وبين القيود التي تزخر بها مواد التشريع المصري، سواء في وجوب الترخيص وتعقيد إجراءات التسجيل وحرمان الجمعية من الحرية الكاملة في وضع نظامها الأساسي، والتدخل الفج في تشكيل مجلس الإدارة، والعراقيل التي تحف بسعي الجمعية في الحصول على التمويل، والصلاحيات المبالغة الممنوحة للوزير وللجهة الإدارية في حل الجمعية، وأخيرًا العقوبات السالبة للحريات التي تطارد مسئولي الجمعيات التي تمارس أنشطة مجرّمة تفتقد إلى التحديد والوضوح، وفضفاضة بشكل زائد عن الحد.
كذلك نجد أن البون شاسع بين قانون الجمعيات المصري، وبين تشريع الجمعيات اللبناني، والذي يعود إلى حقبة الحكم العثماني، وهو بعكس القانون المصري، يسمح بتأسيس الجمعيات دون ترخيص، ولا يتدخل في تشكيل مجلس الإدارة أو في قرارات الجمعية العمومية، كما أنه لم يضع أية قيود على حق الجمعيات في الحصول على التمويل. ويقتصر التدخل الحكومي في حل الجمعيات على الجمعيات السرية، أو المتورطة في عمليات انقلابية على الحكومة، أو الجمعية التي صدر ضد أعضائها أحكام قضائية في جرائم تمس الأمن الوطني.
ورغم بعض المنغصات التي تشوب تكوين الجمعيات في المغرب على صعيد الممارسات، إلا أن التشريع المغربي يفوق نظيره المصري في سماحه بتكوين الجمعيات دون سابق إذن. أيضًا لا يتدخل القانون المغربي بشكل فج في تشكيل مجلس الإدارة، وتُعد القيود التي فرضها على حصول الجمعيات على تمويل أجنبي مخففة مقارنة بما ينص عليه القانون المصري، ولم يعد حل الجمعية في المغرب مرهونًا بإرادة الحكومة كما هو الحال في مصر، بل بقرار القضاء، كما لم ينص التشريع المغربي على عقوبات سالبة للحرية، بل غرامات مالية مقابل تهرّب الجمعية من تفتيش الوزارة على دفاتر الحسابات.
نرى كذلك أن القانون الأردني يحمل الكثير من بصمات القمع والهيمنة في القانون المصري، وذلك سواء في فرض الترخيص على الجمعيات، ومنح الوزير وأجهزة الأمن صلاحيات واسعة في الموافقة على طلبات التسجيل. كذلك يتمتع الوزير في القانون الأردني بسطوة كبيرة على الجمعيات، تظهر في تدخلاته واسعة النطاق في تشكيل مجلس الإدارة وفي حل الجمعيات. ورغم أنه يمكن القول بأنه لا توجد قيود معطلة لحق الجمعيات في تلقي التمويل الأجنبي، إلا أنه توجد قيود على حيازة الجمعية للأموال والممتلكات، كما ينص الدستور ذاته على تنظيم القانون على طريقة تأليف الجمعيات ومراقبة مواردها. وينص القانون الأردني على عقوبات سالبة للحرية بالإضافة إلى الغرامات المالية.


بناءً على ما سبق؛ نخلص إلى أن قانون الجمعيات الأهلية المصري، يستخدم كل الأدوات التي تجعل من العمل الأهلي، أو بالأدق النشاط الحقوقي تحت مظلته، عملاً ذو طبيعة تتسم بالخطر، ونود الإشارة إلى أنه من المتوقع اتساع نطاق الخطر عقب صدور قانون مكافحة الإرهاب بموجب التعديل الدستوري الأخير.

وهو ما يدفع بالكثير من المنظمات غير الحكومية إلى التسجيل كشركات مدنية غير هادفة للربح، هربًا من تشريع الجمعيات المعيب، الذي يتعامل مع منظمات المجتمع المدني بمنظور موروث من حقبة الستينات، منطلقًا من ضرورة تدجين المجتمع المدني وإخضاع منظماته لوصاية الحكومة، باعتبار أنه ذو طبيعة منحرفة بالأساس، وتحتاج باستمرار إلى المعالجة والتقويم والعقاب.
كذلك يتضح أن الإرادة السياسية، خلال إعداد وتمرير قانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2002، لم تكن تتوفر على رغبة حقيقية في دعم المجتمع المدني، ولا كانت تستهدف أن تجعل من منظمات المجتمع المدني في موضع الشريك الوطني، في تحقيق أهداف التنمية والإصلاح السياسي والتحوّل الديمقراطي. ظهر ذلك بوضوح بالغ في تجاهل مقترحات المنظمات غير الحكومية، وعدم الاهتمام بشكل جدي بإقامة حوار مجتمعي حقيقي وفاعل خلال الإعداد للقانون، الذي حظي طيلة السنوات الماضية بصيت بالغ السوء، على صعيد التطبيق، وكذلك في التجاوزات التي تمارسها جهة الإدارة في تباطؤها أو تجاهلها تنفيذ الأحكام القضائية.
وتشير إستراتيجية الحكومة في الإعداد لمسودة القانون الجديد للجمعيات، والمزمع إصداره عما قريب، إلى غياب ضمانة حقيقية لتحقيق الاتساق بين التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية، التي تعد واجبة النفاذ طبقًا للمادة 151 من الدستور، وما يعنيه ذلك من ضرورة تحرير المجتمع المدني من تغوّل وهيمنة السلطة التنفيذية التي تأبى إلا أن تضع المجتمع المدني تحت الحصار.

اعتمدت على المصادر التالية:
نص قانون رقم 84 لسنة 2002 بإصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية - عبد الله خليل، الدليل التشريعي العربي للمنظمات الأهلية ودليل مقارن للتشريعات، الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، القاهرة، 2006 - غسان مخيبر، تنظيم الجمعيات في لبنان بين الحرية والقانون والممارسة - تقرير حرية تأسيس الجمعيات في المنطقة الأورو-متوسطية، الشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان، كوبنهاجن، 2007 - مذكرة مطلبية بشأن تعديل قانون الجمعيات والتجمعات بالمغرب، المرصد المغربي للحريات العامة.

2 comments:

  1. شكرا اخي على هذه المعلومات القيمة.لكن اود ان اصحح احدى المعطيات التي جائت في مقالكم هذا.خصوصا على مستوى القانون المغربي فنصوص ظهير نونبر 1958 15 المتعلق بالجمعيات يتضمن فصولا و ليس مواد.بالضافة الى ان الفصل الخامس قد تم تعديله ايضا سنة 2009 بقانون 07/09.و السلام.....احمد.باحث قانوني من المغرب

    ReplyDelete
  2. اللهم أحفظ العرب والمسلمين

    ReplyDelete