يغيب عن بال الكثيرين الاهتمام بدراسة التشريعات المنظّمة لتكوين الجمعيات الأهلية وتأسيسها، كما نفتقد الالتفات إلى الأهمية البالغة التي تمثلها حرّية الجمعيات، إذ دون توافر الضمانات اللازمة لازدهارهذه الحرية، فإنّ بقية الحريات، أي حقوق الإنسان، ستعاني من الانتهاك والانتقاص،إذ أنّ حرية الجمعيات تُعدّ الرحم المولّد ّلسائر الحريات الأخرى كما قال الفرنسي ألكسي دو توكفيل. في هذا السياق يسعى هذا المقال إلى استعراض البيئة القانونية التي تعمل في إطار الجمعيات الأهلية في مصر، وذلك بهدف الوقوف على مدى جدّية المُشرِّع المصري في الالتزام بالمعايير الدولية الخاصة بحرية التنظيم.
إذ يؤكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 22 على أنه "لكل فرد حقّ في حرّية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه". ورغم أنّ العهد قد منح التشريعات الوطنية الحقّ في صكّ القيود على ممارسة الحقّ في التجمّع، واتّخاذ ما وصفه بالتدابير الضرورية، إلا أنه اشترط أن يتمّ هذا في "مجتمع ديمقراطيّ" وذلك من أجل "صيانة الأمن القوميّ أو السلامة العامة أو النظام العام ّأو حماية الصحّة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم"، كما لا بد أن ننّوه إلى أن هذا البند لا ينبغي تفسيره في اتجاه تكبيل حرية التجمع والتنظيم.