يعاني المهتمون بأوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية من صعوبة الوصول إلى المعلومات عن الانتهاكات والوقائع الموثقة التي يحتاج لها الباحثون؛ ليكتمل أمامهم المشهد، وتكون المعلومات عونًا لهم في الاستدلال، ودعمًا لما يطمئنون إليه من أحكام. الاطمئنان عُملة صعبة في عالمنا العربيّ، وليس في المملكة وحدها، لكنها، أي المملكة، تمتاز بأنّ عملية تدفّق المعلومات منها أشبه ما تكون بمخاض عسير مصيره غالبًا الإجهاض.
المشهد السعودي أمام المراقبين كلعبة بازل كبيرة وقد تعرَّضت أجزاء عديدة منها للفقد أو للسطو، ورغم أن الخرافات لا تزال تتمتع هناك بمكانة فريدة، إلا أنه فيما يتعلق بالمعلومات فالأبواب موصدة بإحكام، وقد فقدت عبارة "افتح يا سمسم" مفعولها السحري!
رغم امتلاك رأس المال السعودي، بل لعله لهذا السبب، للعديد من الصحف ذائعة الصيت، ووسائل الإعلام المرئية الأشهر في العالم العربي، فإنّ انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة لا تكاد تجد لها مكانًا في النشرات الإخبارية، أو في عناوين الصحف. وتتعامل السلطات السعودية مع المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية كأجهزة استخبارات معادية، لا بدّ من شلّ نشاطها، ومنعها من تجنيد ضعاف النفوس الذين نجح الشيطان في استمالتهم؛ فما كان منهم إلا أن ضلّوا فسعوا في المملكة مطالبين بما نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فرص نجاح دخول رسمي وعلني لبعثات المنظمات الحقوقية إلى المملكة، توشك أن تعادل فرص غير المسلمين في الاقتراب من الكعبة المشرّفة، وإن حدث، فلن يعدو الدخول كونه غلطة لن تتكرر غالبًا. ألم تتعرّض الكعبة ذاتها لهجمات في التاريخ القديم الذي يحكي لنا تفاصيل المعارك التي دُحِر فيها الخونة والأعداء.
عيون الأخ الأكبر، كما أخبرنا جورج أورويل، ساهرة لا تنام، وغياهب السجون والاعتقالات لا تزال عطشى وتقول هل من مزيد. ولأنّ الله عزّ وجلّ سيحاسبنا في الآخرة بعدله ورحمته؛ فلا حاجة بنا إلى القانون والمحاسبة في الدنيا حتى يتبيّن المتهم البريء من المذنب، ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمارسون بجدارة هوايتهم في صيد المارقين عن الصراط الوهابي، في مطاردات بالسيارات تخسر هوليوود الكثير لأنها لا تحصل على فرصة لتصويرها.
وحده المعتقل المحظوظ الذي يستطيع معرفة التهم الموجهة إليه، وربما يتضاعف حظه ويعرض على القضاء في محاكمات تفتقد إلى المعايير الدولية للعدالة والنزاهة، ولا داعيَ لوجود قانون مكتوب يحدّد أركان الجرائم وتتوافر به درجات العقوبات، ولأنّ المجتهد المصيب يحصل على أجره ولا يحرم منه إن أخطأ؛ فإن القاضي لا يحتاج إلى القوانين، فقط عليه أن يحكم بما يراه متوافقًا مع الشريعة والسنّة. القاضي هو شخص بالضرورة متعدد المواهب، لذا يحق له ارتداء ثوب القاضي والإدعاء في الوقت ذاته، كما يمكنه إصدار فرمان بحرمان المتهم من محام يدافع عنه. هل سمعتم يومًا بمجتهد يصدر فتواه أمام محام!
بذلك يمتاز القضاء بمزية هامة بالفعل، وهي أنه في ظل الافتقاد لقانون جنائي مكتوب، وأيضًا إلى جوار قدرات ومواهب القضاة المتعددة؛ فالمجال مفتوح أمام تعدد واختلاف الأحكام في قضايا تكاد تكون متطابقة، أليس اختلاف القضاة رحمة بالمتهمين!
لكن لا تتملككم الدهشة ولا يعتركم الغضب إزاء بعض الهنات التي يقع فيها القضاة المجتهدين، وتذكروا أجر المخطئ. لا تكونوا بهذا القدر من الرهافة الذي يجعلكم فريسة سهلة لمشاعر الشفقة تجاه ضحية مثل الفتاة التي أدينت في قضية (اغتصابها) بمائتين جلدة والسجن لستة أشهر، فهذه العقوبة بمثابة المَطهر لها في الحياة الدنيا، ولا تستغربوا لأن هذه العقوبة مضاعفة بسبب تعاطي الفتاة، ليس للمخدرات، وإنما مع وسائل الإعلام التي تعاطفت معها. ولا تثوروا على وزارة العدل التي اتخذت من التليفزيون الرسمي منصة للهجوم على الفتاة المغتصبة، التي حُرمت من محاميها الذي كان يتولى قضيتها، والتلميح بأنها قد تورطت في الزنا، فلم يكن هذا الإجراء إلا تأديبا مشروعا من حكومة لمواطنة عاقّة.
تأبى ألف ليلة وليلة إلا أن نستظل بأساطيرها، فتحلّ كائناتها وصراعاتها الخرافية ضيوفًا دائمين، فلا تتوجسوا خيفة من السحرة الأشرار، بدنسهم المجوسيّ وعلاقاتهم السفلية؛ فرجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسلّحون بأقوى الأسلحة التي توصّل إليها العلم الإيمانيّ الحديث، ويقفون بالمرصاد لكل من تسبّب في إيذاء غيره مستعينًا بالسحر وكتائب الجنّ، حيث يعتقلونه ويعذبونه قبل أن يرسلوه إلى قاضٍ يحكم عليه بالإعدام، وذلك دون أن يصيبهم أذى من سحره، فهم بالتأكيد يشعلون البخور ويتلون المعوّذتين قبل التعذيب وبعده، مستعيذين بالله من كل شرّ مستطير ومن ألاعيب الجن وسحرة الفودو الكافرين.
ولأنّ للديمقراطية وحقوق الإنسان، كما للشيطان، أعوانا في كل بقعة على سطح الكوكب، فقد ابتليت السعودية بعدد من دعاة الإصلاح السياسي ّوالمدافعين عن الحقوق، ورغم أنه من أعوام قليلة أصدر الملك ،الجديد حينها، عفوًا ملكيًّا عن ثلاثة من الإصلاحيين القابعين في السجون وأطلق سراحهم، إلا أن الشهور الماضية شهدت عودة اثنين منهم إلى السجن حيث البيئة الطبيعية الملائمة لأمثالهم. فأحدهما قام وشقيقه بتحريض زوجات على التظاهر السلميّ للمطالبة بالإفراج عن أزواجهن المحتجزين منذ أكثر من عامين دون توجيه تهم إليهم، وهو تحريض يحرِّمه الإسلام كما قال القاضي الذي أصدر الحكم بسجنهما، أما الآخر فقد ذهب لزيارتهما في سجنهما وأفزعته الأوضاع المعيشية المتردية في السجن، بما لها من آثار سلبية أكيدة على المسجونين، فكتب مشاهداته وملاحظاته، ولم يمض وقت طويل قبل أن يتوفر له مكان في سجن آخر.
المسلمون في خطر عظيم، فالشيعة في جوارهم وبين ظهرانيهم، ولا بدّ من الصمود في وجه المدّ قبل استفحال الخطر؛ لذا فإنّ الحكومة والمؤسسة الدينية الرسمية، لا تفوّتان أية فرصة لقمع الشيعة وذلك كطقس أساسيّ، تنفّذ فيه الانتهاكات بدقّة متناهية وبخبرات نادرة كأنها استعادة لتراث تقديم القرابين، والرسول (صلى الله عليه وسلَّم) توعّد من آذى ذميًا والشيعة ليسوا من أهل الذمة كما تعلمون!
في مبادرة الملك التاريخية لحوار الأديان التي أطلقها بعد نحو 5 أشهر من زيارته إلى الفاتيكان، والتي خلقت مناخا من التفاؤل في إمكانية تحسّن أحوال الحريات الدينية في المملكة في المستقبل القريب، حاول معالجة الأمر بروية، فحصل على الضوء الأخضر من علماء المملكة، بل دعا العشرات من علماء المسلمين، من السُنَّة والشيعة، إلى المؤتمر الإسلامي العالمي في مكة والذي سبق مؤتمر مدريد، وذلك لتوحيد الصفّ والموقف تجاه حوار الأديان، والأهمّ ما يمكنكم تصوّره عن فرصة الحصول على نتائج إيجابية من اجتماع عنصري الأمّة المتناحرين. إلا أنّ بعض رجال المؤسسة الدينية شاركوا بدم بارد في إصدار بيان شديد اللهجة ضد أتباع المذهب الشيعيّ اتّهموهم فيه بأنّهم "شرّ طوائف الأمة وأشدّهم عداوة وكيدًا لأهل السنة والجماعة"، ووصفوا مذهبهم بأن له "أصولا كفرية"، وذلك قبل 3 أيام فحسب من انعقاد مؤتمر مكة.
ترى ما فرصة النضال من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في بلد يرزح منذ عقود طويلة، تحت نير الاستبداد والفكر الوهابيّ المتشدّد، ولم يحظ بالتقدّم يومًا على صعيد الإنتاج الفكري والعلمي، بينما لا تعترف دولته بحقّ المواطنين في تشكيل الأحزاب وتكوين الجمعيات وفي التجمع السلميّ، وتعاني الأقليات الدينية من تمييز واضح، ولا تزال المرأة تتعرض للحرمان من حقوق أساسية لمجرد كونها أنثى. وفي ظلّ تعمُّد التقاعس عن إعادة هيكلة البنية القانونية وتكييفها مع منظومة حقوق الإنسان، يستمرّ التربّص بالمدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالإصلاح السياسي وبحرّية الرأي والتعبير والمعتقد، سياسة منهجية لا تزال المؤسسات الرسمية السعودية أسيرة لها ولأدواتها.
الخوف يهيمن على أراضي المملكة، وله هناك النفوذ والسطوة الكاملان، بل ويصاحب أهل المملكة عندما يغادرون أراضيها. قابلتُ عدد من السعوديين الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في أكثر من بلد عربيّ، ووجدت الخوف في عيون من لا يزال يقيم في السعودية، وقد تحرّر منه بقدر ما،من استقروا خارجها. منهم من تلفَّت حوله في رعب وهو يعطيني في مؤتمر بلبنان كتابًا عن الأوضاع السياسية في المملكة، وآخر وضع اسمًا مستعارًا على دراسة أعدّها ونُشرت في كتاب بالقاهرة، وآخرون استمدوا شجاعتهم في مداخلاتهم في مؤتمر بالمغرب من طول استقرارهم في بلدان أوروبا.
كنا أمام شاطئ النيل، عدد كبير من الناشطين العرب من جنسيات عدة، وفي غمار المرح الذي ساد في المكان، قال السعوديّ الجالس إلى جواري، أنه يحلم بأن يرى جلسة مثل هذه يومًا في السعودية، دون أن يعكّر صفو المشاركين فيها الشعور بالوجل. لكن يبدو أنّ الأحلام ذاتها تخشى زيارة ممالك الخوف، أو أنها مؤجلة إلى موعد غير مسمّى.
رغم امتلاك رأس المال السعودي، بل لعله لهذا السبب، للعديد من الصحف ذائعة الصيت، ووسائل الإعلام المرئية الأشهر في العالم العربي، فإنّ انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة لا تكاد تجد لها مكانًا في النشرات الإخبارية، أو في عناوين الصحف. وتتعامل السلطات السعودية مع المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية كأجهزة استخبارات معادية، لا بدّ من شلّ نشاطها، ومنعها من تجنيد ضعاف النفوس الذين نجح الشيطان في استمالتهم؛ فما كان منهم إلا أن ضلّوا فسعوا في المملكة مطالبين بما نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فرص نجاح دخول رسمي وعلني لبعثات المنظمات الحقوقية إلى المملكة، توشك أن تعادل فرص غير المسلمين في الاقتراب من الكعبة المشرّفة، وإن حدث، فلن يعدو الدخول كونه غلطة لن تتكرر غالبًا. ألم تتعرّض الكعبة ذاتها لهجمات في التاريخ القديم الذي يحكي لنا تفاصيل المعارك التي دُحِر فيها الخونة والأعداء.
عيون الأخ الأكبر، كما أخبرنا جورج أورويل، ساهرة لا تنام، وغياهب السجون والاعتقالات لا تزال عطشى وتقول هل من مزيد. ولأنّ الله عزّ وجلّ سيحاسبنا في الآخرة بعدله ورحمته؛ فلا حاجة بنا إلى القانون والمحاسبة في الدنيا حتى يتبيّن المتهم البريء من المذنب، ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمارسون بجدارة هوايتهم في صيد المارقين عن الصراط الوهابي، في مطاردات بالسيارات تخسر هوليوود الكثير لأنها لا تحصل على فرصة لتصويرها.
وحده المعتقل المحظوظ الذي يستطيع معرفة التهم الموجهة إليه، وربما يتضاعف حظه ويعرض على القضاء في محاكمات تفتقد إلى المعايير الدولية للعدالة والنزاهة، ولا داعيَ لوجود قانون مكتوب يحدّد أركان الجرائم وتتوافر به درجات العقوبات، ولأنّ المجتهد المصيب يحصل على أجره ولا يحرم منه إن أخطأ؛ فإن القاضي لا يحتاج إلى القوانين، فقط عليه أن يحكم بما يراه متوافقًا مع الشريعة والسنّة. القاضي هو شخص بالضرورة متعدد المواهب، لذا يحق له ارتداء ثوب القاضي والإدعاء في الوقت ذاته، كما يمكنه إصدار فرمان بحرمان المتهم من محام يدافع عنه. هل سمعتم يومًا بمجتهد يصدر فتواه أمام محام!
بذلك يمتاز القضاء بمزية هامة بالفعل، وهي أنه في ظل الافتقاد لقانون جنائي مكتوب، وأيضًا إلى جوار قدرات ومواهب القضاة المتعددة؛ فالمجال مفتوح أمام تعدد واختلاف الأحكام في قضايا تكاد تكون متطابقة، أليس اختلاف القضاة رحمة بالمتهمين!
لكن لا تتملككم الدهشة ولا يعتركم الغضب إزاء بعض الهنات التي يقع فيها القضاة المجتهدين، وتذكروا أجر المخطئ. لا تكونوا بهذا القدر من الرهافة الذي يجعلكم فريسة سهلة لمشاعر الشفقة تجاه ضحية مثل الفتاة التي أدينت في قضية (اغتصابها) بمائتين جلدة والسجن لستة أشهر، فهذه العقوبة بمثابة المَطهر لها في الحياة الدنيا، ولا تستغربوا لأن هذه العقوبة مضاعفة بسبب تعاطي الفتاة، ليس للمخدرات، وإنما مع وسائل الإعلام التي تعاطفت معها. ولا تثوروا على وزارة العدل التي اتخذت من التليفزيون الرسمي منصة للهجوم على الفتاة المغتصبة، التي حُرمت من محاميها الذي كان يتولى قضيتها، والتلميح بأنها قد تورطت في الزنا، فلم يكن هذا الإجراء إلا تأديبا مشروعا من حكومة لمواطنة عاقّة.
تأبى ألف ليلة وليلة إلا أن نستظل بأساطيرها، فتحلّ كائناتها وصراعاتها الخرافية ضيوفًا دائمين، فلا تتوجسوا خيفة من السحرة الأشرار، بدنسهم المجوسيّ وعلاقاتهم السفلية؛ فرجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسلّحون بأقوى الأسلحة التي توصّل إليها العلم الإيمانيّ الحديث، ويقفون بالمرصاد لكل من تسبّب في إيذاء غيره مستعينًا بالسحر وكتائب الجنّ، حيث يعتقلونه ويعذبونه قبل أن يرسلوه إلى قاضٍ يحكم عليه بالإعدام، وذلك دون أن يصيبهم أذى من سحره، فهم بالتأكيد يشعلون البخور ويتلون المعوّذتين قبل التعذيب وبعده، مستعيذين بالله من كل شرّ مستطير ومن ألاعيب الجن وسحرة الفودو الكافرين.
ولأنّ للديمقراطية وحقوق الإنسان، كما للشيطان، أعوانا في كل بقعة على سطح الكوكب، فقد ابتليت السعودية بعدد من دعاة الإصلاح السياسي ّوالمدافعين عن الحقوق، ورغم أنه من أعوام قليلة أصدر الملك ،الجديد حينها، عفوًا ملكيًّا عن ثلاثة من الإصلاحيين القابعين في السجون وأطلق سراحهم، إلا أن الشهور الماضية شهدت عودة اثنين منهم إلى السجن حيث البيئة الطبيعية الملائمة لأمثالهم. فأحدهما قام وشقيقه بتحريض زوجات على التظاهر السلميّ للمطالبة بالإفراج عن أزواجهن المحتجزين منذ أكثر من عامين دون توجيه تهم إليهم، وهو تحريض يحرِّمه الإسلام كما قال القاضي الذي أصدر الحكم بسجنهما، أما الآخر فقد ذهب لزيارتهما في سجنهما وأفزعته الأوضاع المعيشية المتردية في السجن، بما لها من آثار سلبية أكيدة على المسجونين، فكتب مشاهداته وملاحظاته، ولم يمض وقت طويل قبل أن يتوفر له مكان في سجن آخر.
المسلمون في خطر عظيم، فالشيعة في جوارهم وبين ظهرانيهم، ولا بدّ من الصمود في وجه المدّ قبل استفحال الخطر؛ لذا فإنّ الحكومة والمؤسسة الدينية الرسمية، لا تفوّتان أية فرصة لقمع الشيعة وذلك كطقس أساسيّ، تنفّذ فيه الانتهاكات بدقّة متناهية وبخبرات نادرة كأنها استعادة لتراث تقديم القرابين، والرسول (صلى الله عليه وسلَّم) توعّد من آذى ذميًا والشيعة ليسوا من أهل الذمة كما تعلمون!
في مبادرة الملك التاريخية لحوار الأديان التي أطلقها بعد نحو 5 أشهر من زيارته إلى الفاتيكان، والتي خلقت مناخا من التفاؤل في إمكانية تحسّن أحوال الحريات الدينية في المملكة في المستقبل القريب، حاول معالجة الأمر بروية، فحصل على الضوء الأخضر من علماء المملكة، بل دعا العشرات من علماء المسلمين، من السُنَّة والشيعة، إلى المؤتمر الإسلامي العالمي في مكة والذي سبق مؤتمر مدريد، وذلك لتوحيد الصفّ والموقف تجاه حوار الأديان، والأهمّ ما يمكنكم تصوّره عن فرصة الحصول على نتائج إيجابية من اجتماع عنصري الأمّة المتناحرين. إلا أنّ بعض رجال المؤسسة الدينية شاركوا بدم بارد في إصدار بيان شديد اللهجة ضد أتباع المذهب الشيعيّ اتّهموهم فيه بأنّهم "شرّ طوائف الأمة وأشدّهم عداوة وكيدًا لأهل السنة والجماعة"، ووصفوا مذهبهم بأن له "أصولا كفرية"، وذلك قبل 3 أيام فحسب من انعقاد مؤتمر مكة.
ترى ما فرصة النضال من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في بلد يرزح منذ عقود طويلة، تحت نير الاستبداد والفكر الوهابيّ المتشدّد، ولم يحظ بالتقدّم يومًا على صعيد الإنتاج الفكري والعلمي، بينما لا تعترف دولته بحقّ المواطنين في تشكيل الأحزاب وتكوين الجمعيات وفي التجمع السلميّ، وتعاني الأقليات الدينية من تمييز واضح، ولا تزال المرأة تتعرض للحرمان من حقوق أساسية لمجرد كونها أنثى. وفي ظلّ تعمُّد التقاعس عن إعادة هيكلة البنية القانونية وتكييفها مع منظومة حقوق الإنسان، يستمرّ التربّص بالمدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالإصلاح السياسي وبحرّية الرأي والتعبير والمعتقد، سياسة منهجية لا تزال المؤسسات الرسمية السعودية أسيرة لها ولأدواتها.
الخوف يهيمن على أراضي المملكة، وله هناك النفوذ والسطوة الكاملان، بل ويصاحب أهل المملكة عندما يغادرون أراضيها. قابلتُ عدد من السعوديين الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في أكثر من بلد عربيّ، ووجدت الخوف في عيون من لا يزال يقيم في السعودية، وقد تحرّر منه بقدر ما،من استقروا خارجها. منهم من تلفَّت حوله في رعب وهو يعطيني في مؤتمر بلبنان كتابًا عن الأوضاع السياسية في المملكة، وآخر وضع اسمًا مستعارًا على دراسة أعدّها ونُشرت في كتاب بالقاهرة، وآخرون استمدوا شجاعتهم في مداخلاتهم في مؤتمر بالمغرب من طول استقرارهم في بلدان أوروبا.
كنا أمام شاطئ النيل، عدد كبير من الناشطين العرب من جنسيات عدة، وفي غمار المرح الذي ساد في المكان، قال السعوديّ الجالس إلى جواري، أنه يحلم بأن يرى جلسة مثل هذه يومًا في السعودية، دون أن يعكّر صفو المشاركين فيها الشعور بالوجل. لكن يبدو أنّ الأحلام ذاتها تخشى زيارة ممالك الخوف، أو أنها مؤجلة إلى موعد غير مسمّى.
نُشر في 23 أغسطس 2008 *
مقال بانورامي مهم. فعلاً نادراً ما تدخل منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى هناك، فقد دخلت هيومن رايتس ووتش مرة أو مرتين ثم مُنعت من الدخول، وكذلك مُنعت العفو الدولية. لكن نشطاء حقوق الإنسان السعوديين أنفسهم يجدون التدريب والدعم من البحرين، وربما من دول جوار أخرى، لا أعرف
ReplyDeletepusulabet
ReplyDeletesex hattı
https://izmirkizlari.com
rulet siteleri
rexbet
V02O